للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما لفظ الجهة فقد يراد به ما هو موجود وقد يراد به ما هو معدوم، ومن المعلوم أنه لا موجود إلا الخالق والمخلوق، فإذا أريد بالجهة أمر موجود غير الله تعالى لا يحصره شئ ولا يحيط به شئ من المخلوقات، تعالى عن ذلك.

وإن أريد بالجهة أمر عدمى وهو فوق العالم فليس هناك إلا الله تعالى وحده، فإذا قيل إنه تعالى في جهة بهذا الاعتبار فهو صحيح عندهم، ومعني ذلك أنه فوق العالم حيث أنتهت المخلوقات. ونفاه لفظ الجهة الذين يريدون بذلك نفى العلو يذكرون من أدلتهم أن الجهات كلها مخلوقة، وانه سبحانه كان قبلى الجهات. وأنه من قال: إنه تعالى في جهة كلام حق، ولكن الجهة ليست أمراً وجودياً، بل هي امر اعتبارى، ولا محذور في ذلك.

[[مذهب السلف. تنزيه. وتفويض. وتصديق]]

وبالجملة، يجب تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين، وتفويض علم ما جاء من المتشابهات إليه عز شأنه، والإيمان بها على الوجه الذى جاءت عليه. والتأويل القريب إلى الذهن الشائع نظيره في كلام العرب مما لا بأس به عندى، على أن بعض الآيات مما أجمع على تأويلها السلف والخلف. والله تعالى أعلم بمراده.

وقال أيضاً في تفسير سورة الحديد. وأنت تعلم أن الأسلم التأويل، فإنه قول على الله تعالى من غير علم، ولا نؤول إلا ما أوله السلف ونتبعهم فيما كانوا عليه، فغن أولوا أولنا، وإن فوضوا فوضنا، ولا نأخذ تأويلهم لشئ سلماً لتاويل غيره. اهـ باقتصار. ولعله يشير بهذا إلى ما قاله بعض الخلف أنه قد ورد عن الإمام أحمد أنه قال بالتأويل في ثلاثة أحاديث:

أحدها قوله عليه الصلاة والسلام: ((الحجر الأسود يمين الله في أرضه)) .

وثانيها: ((إنى لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن)) .

<<  <   >  >>