وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما أستطعتم)) وهذه لا تستطيع إلا هذا، والصلاة أعظم من الطواف، ولو عجز المصلى عن شرائطها من الطهارة أو ستر العورة أو استقبال القبلة صلى على حسب حاله، فالطواف أولى بذلك. كما لو كانت مستحاضة ولا يمكنها أن تطوف إلا مع النجاسة نجاسة الدم بدون الطهارة، فإنها تصلى وتطوف على هذه الحالة باتفاق المسلمين، وإذا توضأت وتطهرت فعلت ما تقدر عليه.
وينبغي للحائض إذا طافت أن تغتسل وتتحفظ كما تفعله عند الإحرام وقد أسقط النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحائض طواف الوداع وأسقط عن أهل السقاية والرعاية المبيت بمنى لأجل الحاجة ولم يوجب عليهم دماً، فإنهم معذورون في ذلك بخلاف غيرهم.
وكذلك من عجز عن الرمي بنفسه لمرض ونحوه فإنه يستنيب من يرمى عنه ولا شئ عليه، وليس من ترك الواجب للعجز كمن تركه لغير ذلك. والله تعالى أعلم، أنتهى فليفهم.
[[هل يرد الطلاق الثلاث إلى واحدة]]
(قوله: وإن الطلاق الثلاث يرد إلى واحدة إلخ) - أقول: قد أختلف أقوال الصحابة والتابعين والعلماء المتقدمين والمتأخرين في وقوع الطلاق ثلاثاً بلفظ واحد، كما أنهم أختلفوا في وقوعه حالة الحيض، وقد كثرت الأدلة من الطرفين، وبسطت الأجوبة من الجانبين في كتبهم المفضلة، فمن الحنابلة الشيخ ابن تيمية في فتواه وغيرها، وتلميذه ابن قيم الجوزية في أعلام الموقعين وغيره، ومن الشافعية الشيخ ابن حجر في تحفة المحتاج وغيره، ومن الحنفية ابن الهمام في فتح القدير، وخير الدين الرملي، وابن عابدين في حاشيته على الدر المختار، والوالد في اماكن من تفسيره وغيرهم.