الأية [الحج ٧٣]- إشارة إلى ذم الغالين في اولياء الله تعالى، حيث يستغيثون بهم في الشدة غافلين عن الله تعالى، وينذرون لهم النذور. والعقلاء منهم يقولون: إنهم وسائلنا إلى الله تعالى، وإنما تنذر لله عز وجل، وتجعل ثوابه للولى.
ولا يخفى أنهم في دعواهم الأولى أشبه الناس بعبدة الأصنام، القائلين: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى. ودعواهم الثانية لا بأس بها ولو لم يطلبوا منهم بذلك شفاء مريضهم، أو رد غائبهم، أو نحو ذلك.
والظاهر من حالهم الطلب ويرشدك إلى ذلك أنه لو قيل: آنذروا لله تعالى، واجعلوا ثوابه لوالديكم، فإنهم أحود من اولئك الأولياء لم يفعلوا.
[[الاستغاثة بالمشايخ والموتى]]
وقال أيضاً عند تفسير قوله تعالى:{دعوا الله مخلصين له الدين ... ..} الاية - ما بعضه: فالآية دالة على أن المشركين لا يدعون غيره تعالى في تلك، وانت خبير بأن الناس اليوم إذا اعتراهم أمر خطير، وخطب جسيم، في بر أو بحر، ودعوا من لا يضر ولا ينفع، ولا يرى ولا يسمع، فمنهم من يدعو الخضر وإلياس، ومنهم من ينادى أبا الخميس والعباس، ومنهم من يستغيث باحد الأئمة، ومنهم من يضرع إلى شيخ من مشايخ الأمة! ولا ترى فيهم أحداً يحص مولاه بتضرعه ودعاه، ولا يكاد يمر له ببال، أنه لو دعا الله تعالى وحده ينجو من هاتيك الاهوال، فبالله تعالى عليك، قل لي: أي الفريقين من هذه الحيثية أهدى سبيلاً! وأى الداعيين أقوم قيلاً!؟ وإلى الله سبحانه المشتكى من زمان عصفت فيه ريح الجهالة، وتلاطمت أمواج الضلالة، وغرقت سفينة الشريعة، واتخذت الاستغاثة بغير الله تعالى للنجاة ذريعة، وتعذر على العارفين الأمر بالمعروف، وحالت دون النهى عن المنكر صنوف الحتوف. أنتهى.