قالوا: والنار موجب غضبه، والجنة موجب رحمته، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لما قضي الله تعالى الخلق كتب كتاباً فهو عندي فوق العرش: إن رحمتى سبقت غضبي)) رواه البخاري. وقالوا: والله سبحانه يخبر عن العذاب أنه عذاب يوم عظيم، وأليم، وعقيم. ولا أخبر في موضع واحد عن النعيم أنه نعيم يوم.
وقد قال تعالى:{قال عذابي أصيب به من اشاء ورحمتى وسعت كل شئ} وقال تعالى حكاية عن الملائكة: {ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلماً} فلا بد أن تسع رحمته هؤلاء المعذبين، فلو بقوا في العذاب لا إلى غاية لم تسعهم رحمته.
وقد ثبت في الصحيح تقدير يوم القيامة بخمسين ألف سنة، والمعذبون فيها متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم، وليس في حكمه أحكم الحاكمين ورحمة أرحم الراحمين، وأن يخلق خلقاً يعذبهم أبد الآباد عذاباً سرمداً.
فمن مقتضى الحكمة أن الإحسان مراد لذاته، والانتقام مراد بالعرض، وقالوا: وما ورد من الخلود فيها والتأييد وعدم الخروج، وأن عذابها مقيم، وأنه غرام، كله حق مسلم لا نزاع فيه وذلك يقتضى الخلود في دار العذاب مادامت باقية، وإنما يخرج منها في حال بقائها أهل التوحيد. ففرق بين من يخرج من الحبس وهو حبس على حاله، وبين من يبطل حبسه بخراب الحبس وانتقاضه.
[[أدلة القائلين بعدم فناء النار]]
ومن أدلة القائلين بعدم فنائها قوله تعالى: {ولهم عذاب مقيم - لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون - فلن نزيدكم إلا عذاباً - خالدين فيها أبداً - وما هم منها بمخرجين - وما هم بخارجين من النار - ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل