إذا علمت ذلك فأعلم أن من أدلة المجوزين لشد الرحل إلى الزيارة ما ذكره التقى السبكي في كتابه (شقاء السقام) وقوله عليه الصلاة والسلام: ((من زار قبرى وجبت له شفاعتى)) رواه الدارقطنى. وفي رواية ((حلت له شفاعتى)) وقوله عليه السلام ((من جاءنى زائراً لا يعلمه حاجة إلا زيارتى كان حقاً علي أكون له شفيعاً يوم القيامة)) رواه الطبراني. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من حج إلى مكة ثم قصدني في مسجدى كتب له حجتان مبرورتان)) رواه ابن عباس.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من حج وزار قبرى بعد وفاتي فكأنما زارنى في حياتى)) رواه الدارقطني. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني)) رواه ابن عمر. وأطنب السبكي في الأدلة. والمانعون كالحافظ ابن قدامه في (الصارم المنكي) أولوا وضغفوا ما هنالك وإن أردت التفصيل فارجع إليه، وإن أحببت زيادة الاطلاع فعليك بشروح الشفاء للقاضي عياض، فتنزه منها بأصفى حياض، وأضفى رياض.
ونهاية الكلام في هذا المقام: أن شيخ الإسلام لم ينفرد بهذا القول الذى شفع به عليه، بل ذهب إليه غيره من الأئمة الأعلام، وكثرت الأدلة من الجانبين، والردود من الطرفين. وأما محض الزيارة فلم يقل بحرمتها، بل ذهب إلى سنيتها كما تقدم، فلا تغفل عن التفرقة بين ذا وذاك، والله سبحانه يتولى هداى وهداك.
[[حكم زيارة القبور بلا شد الرحال]]
وأما زيارة القبور بلا شد رحال فقد أختلف فيها أيضاً (قال) الوالد عليه الرحمة في آخر تصنيفاته ما نصه: اعلم أولا أن زيارة القبور وإن لم تكن