للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[توسل عمر بالعباس]]

وأما ما ذكره من الاستدلال بتوسل عمر بن الخطاب بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه تعالى عنهما، فالمراد بذلك أن يدعو لهم - يدل عليه ثبوت دعائه لهم بطلب السقيا، كما جاءت به بقيت الروايات. ومثله استسقاء معاوية في الشام بيزيد بن الأسود، فإنه قال: يا يزيد ارفع يديك؛ فرفع يديه ودعا ودعا الناس حتى سقوا.

وهذا المعنى هو الذي عناه الفقهاء في باب الاستسقاء، ومرادهم التوجه إلى الله تعالى بدعاء الصالحين، فإن دعائهم أرجى للإجابة.

ولو كان التوسل بالذوات هو المطلوب؛ والمدلول الذي أقاموا عليه الدليل، وهم بمقتضى دليلهم لا يخصون الأحياء بهذا التوسل، ويستحبون التوسل بالذوات الشريفة؛، ولو بندائهم ودعائهم، كما مر تقريره من دليلهم، وأنه على معنى الشفعاء يدعون لهم،وقالوا: لا مانع من ذلك عقلاً وشرعاً، فإنهم أحياء في قبورهم لكان التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الأمر المهم، وهم عنده بالمدينة أولى.

ولكان قولهم كما في رواية البخارى عن أنس أن عمر - رضي الله عنه - استسقى بالعباس رضي الله تعالى عنه وقال: ((اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبيك فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون)) .

من هذا الحديث: ((اللهم إنا كنا إذا أجدبنا - إلى آخره -)) عبثاً ضائعاً، بل مخلا بما يقولون ويدعون، لأنه لو كان الاستسقاء به عليه الصلاة والسلام جائزاً بعد موته - أرواحنا له الفداء - لما عدل عنه الفاروق.

بل هذا الدليل الذى تمسكوا به من أقوى الأدلة وأرجحها وأظهرها على ما ندعيه من عدم الجواز، فهو عليهم لالهم، عند من له أدنى فهم وإنصاف والله يهدي السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

<<  <   >  >>