يقال للميت أو الغائب من الأنبياء والصالحين: ادع الله تعالى، أو نحو ذلك فهذا مما لا يستريب عالم أنه غير جائز، وأنه من البدع التي لم يفعلها السلف، وإن كان السلام على أهل القبور حائزاً، ومخاطبتم جائزة، كما كان عليه أصحابه يعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام إذا زاروا القبور أن يقولوا:((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون)) كما سيأتي.
الثالث: أن يقول: أسألك بجاه فلان عبدك، أو بحرمته، أو نحو ذلك. فهذا الذي تقدم عن العز بن عبد السلام أنه أفتى أنه لا يجوز في غير النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن الحنابلة في أصح القولين، أنه مكروه كراهة تحريم، وهو ما تقدم نقله عن أبي حنيفة وأبي يوسف عليهما الرحمة، فتفطن.
وأما ورود هذا الحديث عن عثمان بن حنيف في زمن أمير المؤمنين عثمان ففي سنده مقال.
بل قال بعضهم: إن أمارات الوضع لائحة عليه، فكيف يعارض به الكتاب والسنة وعمل الصحابة؟ وهل سمعت أحداً منهم جاء إلى قبره الشريف فطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى؟ وهم حريصون على مثل هذه المثوبات لا سيما والنفوس مولعة بقضاء حوائجها؟ .
نعم كان ابن عمر يأتي القبر المكرم ويقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبت. ثم ينصرف.
وكذلك أنس وغيره. فإذا أرادوا الدعاء استقبلوا القبلة؛ فلو صح عند أحدهم الطلب منه عليه الصلاة والسلام لرأيت أصحابه يتناوبون قبره المشرف زمراً زمراً. ومثل ذلك تتوفر الدواعي على نقله، ولأوسع الله تعالى طريقاً لم يتسع للصحابة والتابعين وصلحاء علماء الدين، وستأتي تتمة لهذا في بحث ((شد الرحال)) بعون الملك المتعال.