للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من الأدنى كما طلب النبي عليه أكمل الصلاة وأفضل السلام من الفاروق - رضي الله عنه - في عمرته بأن قال له: ((لا تنسنا يا أخي من دعائك)) . قال عمر: ما يسرني بها حمر النعم، وكذلك أمر أمته أن يسألوا له الوسيلة.

وقال العلامة المناوى في شرحه الكبير للجامع الصغير: سأل الله تعالى أولا أن يأذن لنبيه عليه الصلاة والسلام أن يشفع له، ثم أقبل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ملتمساً شفاعته له، ثم كرَّ مقبلاً على ربه أن يقبل شفاعته.

والباء في ((بنبيك)) للتعدية وفي ((بك)) للاستعانة، وقوله: (اللهم فشفعه فيّ) أي أقبل شفاعته في حقي، والعطف بالفاء على معطوف عليه مقدر: أى أجعله شفيعاً لى فشفعه؛ فيكون قوله ((اللهم)) معترضة، وكل هذه المعاني التي ذكرت دالة على وجود شفاعته بذلك، وهو دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - له بكشف عاهته، وليس ذلك بمحظور، غاية الأمر أنه توسل من غير دعاء بل هو نداء الخاص، والدعاء أخص من النداء، إذ هو نداء عبادة شاملة للسؤال بما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، وإنما المحظور السؤال بالذوات لا مطلقاً، بل على معنى أنهم وسائل لله سبحانه بذواتهم.

وأما كونهم وسئل بدعائهم فغير محظور، وإذا اعتقد أنهم وسائل لله عز وجل بذواتهم فسأل منهم الشفاعة للتقرب إليهم، فذلك عين ما كان عليه المشركون الأولون كما تقدم.

قال الشارح: ثم اعلم أن المراتب في هذا الباب ثلاثة: أحدهما - أن الدعاء لغيره تعالى سواء كان المدعو حياً أو ميتاً، وسواء كان من الأنبياء أو غيرهم؛ بأن يقال: يا سيدي فلان أغثني، أو أنا مستجير بك، أو نحو ذلك. فهذا شرك بالله تعالى، وهو مثل عبادة الأصنام في القرون الماضية. الثاني - أن

<<  <   >  >>