ولنذكر من كلام الشيخ ابن تيميه - أعلى الله تعالى درجته - في ذلك، حتى يتبين لك أنه سلك من المذاهب الأحمد معروف المسالك، فقد قال في فتاويه ما نصه:
وسئل عن رجلين تنازعاً، فقال أحدهما: القرآن حرف وصوت. وقال الآخر: ليس هو بحرف ولا صوت. وقال أحدهما: النقط التى في المصحف والشكل من القرآن. وقال الآخر ليس ذلك من القرآن. فما الصواب من ذلك حتى نعتقده.
فأجاب: الحمد لله رب العالمين. هذه المسألة يتنازع فيها كثير من الناس. ويخلطون فيها الحق بالباطل، فالذى قال: إن القرآن حرف وصوت. إن أراد بذلك أن هذه القرآن الذى يقرؤه المسلمون هو كلام الله عز وجل، الذى نزل به الروح الأمين، على سيدنا محمد خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -، وان جبريل سمعه من الله تبارك وتعالى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - سمعه من جبريل، والمسلمون سمعوه من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما قال تعالى:{قل نزله روح القدس من ربك}[النحل ١٠٢] وقال تعالى: {والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق}[الأنعام ١١٤] فقد أصاب في ذلك. فإن هذا مذهب سلف الأمة وأئمتها، والدلائل على ذلك كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع. ومن قال: إن القرآن العربي لم يتكلم الله تعالى به، وإنما هو كلام جبريل - عليه السلام - أو غيره، عبر به عن المعنى القائم بذات الله تعالى، كما يقول ذلك ابن كلاب والأشعري ومن وافقها. فهو قول باطل من وجوه كثيرة.
فإن هؤلاء يقولون: إنه معنى واحد قائم بالذات، وغن معنى التوراة