وتعقب بأن الاستيلاء معناه، حصول الغلبة بعد العجز، وذلك محال في حقه تعالى، وأيضاً يقال: أستولى فلان على كذا، وإذا كان له منازع ينازعه وهو في حقه تعالى محال أيضاً. وأيضاً إنما يقال ذلك إذا كان المستولى عليه موجوداص قبل، والعرش إنما حدث بتخليقه تعالى وتكوينه سبحانه. وأيضاً الاستيلاء واحد إلى كل المخلوقات، فلا يبقى لتخصيص العرش بالذكر فائدة.
[[أنتصار الرازى لتأويلات الخلف]]
واجاب الإمام الرازى بانه إذا فسر الاستيلاء بالاقتدار زالت هذه المطاعن بالكلية، ولا يخفى حال هذا الجواب على المصنف.
وقال الزمخشرى: لما كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك لا يحصل إلا مع الملك جعلوه كناية عن الملك فقالوا: استوى فلان على العرش، يريدون ملك، وإن لم يقعد على العرش ألبتة، وإنما عبروا عن حصول الملك بذلك، لأنه أشرح وأبسط وادل على صورة الامر. ونحوه قولك: يد فلان مبسوطة، ويد فلان مغلولة، بمعنى أنه جواد أو بخيل، ولا فرق بين العبارتين إلا فيما قلت. حتى إن من لم يبسط يده قط بالنوال، أو لم تكن له يد رأساً قيل فيه يده مبسوطة، لمساواته عندهم قولهم جواد، ومنه قوله تعالى {وقالت اليهود يد الله} الآية. عفوا الوصف بالبخل، ورد عليهم بانه جل جلاله جواد من غير تصور يد ولا غل ولا بسط. أهـ.
وتعقبه الإمام قائلاً: إنا لو فتحنا هذا الباب لانفتحت تأويلات الباطنية فإنهم يقولون ايضاً، المراد من قوله تعالى:{أخلع نعليك} الاستغراق في خدمة الله تعالى من غير تصور فعل. وقوله تعالى:{يا نار كونى برداً وسلاماً على إبراهيم} المراد منه تخليص إبراهيم عليه السلام عن يد ذلك الظالم من