للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا محمد، إنى توجهت بك إلى ربي في حاجتى هذه لتقضى. اللهم فشفعه في)) فهذا أمره أن يطلب من الله تعالى أن يشفع فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وإنما يكون طلباً لتشفيعه فيه إذا تشفع فيه فدعا الله تعالى له، وكذلك في أول الحديث أنه طالب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو له، فدل الحديث على ان النبي - صلى الله عليه وسلم - شفع له ودعا له، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره هو ان يدعو الله سبحانه، وأن يسأله قبول شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه.

فهذا نظير توسلهم به في الاستسقاء حيث طلبوا منه أن يدعو الله عز وجل لهم، وهم دعوا الله تعالى أيضاً. وقوله يا محمد، إنى أتوجه بك إلى ربي في حاجتى هذه لتقضى. خطاب لحاضر في قلبه، كما نقول في صلاتنا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. وكما يستحضر الإنسان من يحبه أو يبغضه في قلبه ويخاطبه - وهذا كثير.

فهذا كله يعين أن معنى التوسل به والتوجه به وبالعباس وغيرهما في كلامهم، هو التوسل والتوجه بالدعاء. وهذا مشروع بالاتفاق لا ريب فيه.

ومن التوسل به أيضاً: التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته، وموالاته واتباع سنته، ونحو ذلك من اعمال البر المتعلقة به، فهذا أعظم القرب والوسائل إلى الله تعالى. فإن التوسل هو التوصل والتقرب، وما تقرب أحد إلى الله عز وجل بأعظم من طاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بل لا يتقرب إليه إلا بدلك، فمن عمل عملاً ليس عليه أمره - صلى الله عليه وسلم - فهو مردود إلا بذلك، فمن عمل عملاً ليس عليه أمره - صلى الله عليه وسلم - فهو مردود - إلى أن قال -:

[[نوعا الشفاعة]]

فالشفاعة نوعان: أحدهما - الشفاعة التى نفاها القرآن كالتى أثبتها المشركون ومن ضاهاهم من جهال الأمة.

<<  <   >  >>