وكذلك من خلص ماله من قطاع الطريق، أو عسكر ظالم، أو متول ظالم، ولم يخلصه إلا بما أدى عنه فإنه يرجع بذلك عليه، وهو محسن إليه بذلك، وإن لم يكن مؤتمناً على ذلك ولا مكرهاً على الأداء عنه - وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان! ومن جعله في هذا متبرعاً ولم يعطه شيئاً فقد قابل الإحسان بالإساءة. والمسألة خلافية، وما ذكرناه أعدل وأقرب للأدلة الشرعية. أنتهى مختصراً.
[[هل تنجس المائعات بموت حيوان]]
(قوله: وإن المائعات لا تنجس بموت حيوان فيها كالفأرة) - أقول: اختلف الأئمة في مقدار الماء الذى إذا وقعت فيه نجاسة لا يتنجس إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة، فعند الشافعي وأحمد في المشهور عنه: إذا بلغ قلتين لا يحمل خبثاً. وعند أبي حنيفة: يتنجس الماء القليل إذا وقعت فيه النجاسة وإن تغير أحد أوصافه، إلا إذا كان جارياً أو غير جار لكنه كثير، فإنه لا يندس إلا إذا تغير أحد أوصافه بالنجاسة فإنه ينجس.
وقدر الكثير عنده بالغدير العظيم الذى لا يتحرك طرفه بتحرك الطرف الآخر، أو بما كان عشره أذرع في عشرة أذرع، فيكون وجه الماء مائة ذراع. وعند مالك: الماء لا ينجس ولو كان قليلاً إلا إذا تغير أحد أوصافه. وهذا كله مبسوط في كتب المذاهب.
وأختلفوا أيضاً في أن النجاسة هل تزال بكل مائع طاهر، أم بالماء خاصة فقالت الأئمة الثلاثة: لا تزال النجاسة إلا بالماء.
وقال إمامنا الأعظم أبو حنيفة رحمه الله تعالى: تزال بكل مائع مزيل