للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[[حقيقة الشفاعة]]

وحقيقة الشفاعة الماذون فيها: أن الله سبحانه هو الذى يتفضل على أهل الإخلاص والتوحيد فيغفر لهم بواسطة دعاء الشافعين، الذين أذن لهم في المشفوع له ليكرمهم على حسب مراتبهم. وينال نبينا - صلى الله عليه وسلم - منه المقام المحمود الذى يغبطه به الأولون والآخرون. ولما كان عليه الصلاة والسلام يشفع لأمته بدعاء واستسقاء مما هو شفاعة منه لهم، فكذلك في عرصات القيامة، بفتح الله تعالى عليه في الدعاء فيشفعه، كما ورد في حديث الشفاعة.

ومن تأمل بعين الأستبصار في الشفاعة المنفية أولاً علم ان المقصود بنفي الشفاعة نفى الشرك وهو أن لا يعبد إلا الله. والدعاء عبادة كما ورد، وقال سبحانه: {فلا تدعو مع الله أحداً}

ولا يسأل غيره، ولا يتوكل عليه لا في شفاعة ولا في غيرها. فكما أنه ليس للمؤمن أن يتوكل على أحد في أن يرزقه، وإن كان الله تعالى ياتيه برزقه باسباب، كذلك ليس له أن يتوكل على غير الله تعالى في أن يغفر له ويرحمه في الآخرة بشفاعة وغيرها مما لم يأذن الله سبحانه به، إذ لا فرق بينهما، فالشفاعة التى نفاها القرآن مطلقاً، كما قال تعالى: {ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع} ما كان فيها شرك، وتلك منفية مطلقاً.

والشفاعة المثبتة ما تكون بعد الأذن يوم القيامة، ولا تكون الشفاعة إلا لمن أرتضى، فهذه الشفاعة من التوحيد، ومستحقها أهل التوحيد. فمن كان موحداً مخلصاً قطع رجاءه عن غير الله تعالى، ولم يجعل له ولياً ولا شفيعاً من دون الله سبحانه.

إذا تبين هذا، فالمشركون قد كانت عبادتهم لآلهتهم هذا الالتجاء والرجاء

<<  <   >  >>