للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد} [الأنعام ١٩] أى بما تشهدون، وقوله عز من قائل: {فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شئ} [هود ١٠١] . وقال تعالى عنهم: {أجعل الآلهة إلاها واحداً إن هذا لشئ عجاب} [ص ٥] ولما كان المشركون معترفون بأن الله تعالى هو الرب الواحد، خالق كل شئ، فاعل هذه الأمور الجسام، معد (١) للرغبات والرهبات، كما هو حديث حصين المشهور، وذلك بنقل الله تعالى عنهم معتقدهم في آيات كثيرة {ومن أصدق من الله قيلاً} وكانوا ايضاً يتخذون آلهتهم شفعاء لهم، تقربهم إلى الله زلفى، ويقولون عن الأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله، كما قال سبحانه عن صاحب يس، وهو حبيب النجار المذكور في سورة يس، وكان ينحت الأصنام: {ومالى لا أعبد الذى فطرني وإليه ترجعون} الآية. فكان جل أحوال المشركين مع آلهتهم التوكل عليهم، والالتجاء إليهم بالشفاعة، ظناً منهم أنها نافعة عنده تعالى لهم فرد الله تعالى عليهم، وأبان معتقدهم المسئول لديهم، فأخبرنا سبحانه وتعالى في كتابه أن الشفاعة كلها بجميع انواعها له.

قال تعالى: {قل لله الشفاعة جميعاً} ، وأنها لا تمون إلا من بعد إذنه للشافع، ورضاه عن المشفوع له المشار إليه بما رواه البخارى: أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: من اسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: ((من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه)) ، فهؤلاء المخلصون هم الذين اخلصوا الدين كله لله، فجعلوا الشفاعة، التوكل والرجاء، والالتجاء، وغير ذلك من خواص الألوهية حقوقاً ثابتة له سبحانه، لم يعطوها لغيره فوجدوه بها، وأخلصوا الدعوة له، فهم المؤمنون الموحدو، وبكتابه الذى أنزل على نبيه مهتدون.


(١) هكذا وردت هذه الكلمة في الأصل.

<<  <   >  >>