والطريقة والحقيقة في الحقيقة ولكنه يدل أيضاً على أن في الحقيقة كشوفاً وعلوماً غيبية ولذا تراهم يقولون: علم الحقيقة هو العلم اللدنى وعلم المكاشفة وعلم الموهبة وعلم الأسرار والعلم المكنون وعلم الوارثة، إلا أن هذا لا يدل على المخالفة فإن الكشوف والعلوم الغيبية ثمرة الإخلاص الذي هو الجزء الثالث من أجزاء الشريعة فهي بالحقيقة مترتبة على الشريعة ونتيجة لها ومع هذا ر تغير تلك الكشوف والعلوم الغيبية حكماً شرعياً ولا تقيد مطلقاً ولا تطلق مقيداً خلافاً لما توهمه بعضهم رقصة الخضر لا تصلح دليلاً.
وكذا قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاءين من العلم: فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته لقطع منى هذا البلعوم)) لأن الخضر أوحى إليه إن قلنا بنبوته أو الإلهام كان شرعاً إذ ذاك. والوعاء الآخر يحتمل أن يكون علم الفتن. وما وقع من بني أمية وذم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأناس معينين منهم ولا شك أن بث ذلك في تلك الأعصار يجر إلى القتل - انتهى باختصار. وقد أطال في هذا البحث وأطاب فعليك به إن أردته فقلما تجده في كتاب.
قال الشيخ ولى الله الدهلوي في التفهيمات - وقد ذكر عنه أنه أنكر وجود القطب والغوث والخضر والذي تدعيه الشيعة أنه المهدى وحق له ذلك -: فالسنى ما دام على شرطه من اعتقدا ما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع والسكوت عما لا يثبت بها لا يعتقد ذلك ومن أثبت ذلك من الصوفية فإنه لم يثبت عن كتاب ولا سنة اللهم إلا الكشف وليس من أدلة الشرع والذي أفهم من كلامه أنه يريد أن هذا قول مبتدع باطل اعتقاده من حيث الشرع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) ولو كان قطع الإنكار لم يستحق التكفير ولا التفسيق أيضاً. انتهى.