مثله اشتغل في مبدأ أمره بطوس ثم قدم نيسابور واختلف إلى درس إمام الحرمين أبي المعالى الجويني ثم قدم بغداد وفوض إليه التدريس في النظامية ببغداد وأعجب به أهل العراق ثم ترك جميع ما كان عليه في سنة ثمان وثمانين واربعمائة وسلك طريق الزهد والانقطاع وقصد الحج فلما رجع توجه إلى الشام فأقام بدمشق مدة يذكر الدروس ثم انتقل إلى بيت المقدس واجتهد بالعبادة ثم قصد مصر وأقام بالاسكندرية مدة ثم عاد إلى وطنه بطوس ثم ألزم بالعود إلى نيسابور والتدريس بها بالمدرسة النظامية فاجاب ثم ترك ذلك وعاد إلى وطنه واتخذ خانقاه للصوفية ومدرسة للمشتغلين بالعلم في جواره ووزع أوقاته على وظائف الخير وذكر علاء الدين الصيرفي في كتابه (زاد السالكين) : أن القاضي أبا بكر بن العربي قال رأيت الإمام الغزالي في البرية وبيده عكازه وعليه مرقعة وعلى عاتقه ركوة وقد كنت رأيته ببغداد يحضر دروسه نحو أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفضلهم ويأخذون عنه بالعلم قال: فدنوت منه وسلمت عليه وقلت له: يا إمام أليس تدريس العلم ببغداد خيراً لك من هذا؟ قال: فنظر إلى شزراً وقال: لما طلع بدر السعادة في فلك الإرادة وجنحت شمس الوصال في مغارب الوصول: [طويل]
تركت هوى ليلى وسعدى بمعزل ... وعدت إلى تصحيح أول منزل
ونادت بي الأشواق مهلا فهذه ... منازل من تهوى رويدك فانزل
غزلت لهم غزلاً دقيقاً فلم أجد ... لغزلي نساجاً فكسرت مغزلى
وله التصنيفات الجليلة، منها: الوسيط والبسيط والوجيز والخلاصة في الفقه وإحياء العلوم: وله في أصل الفقه: المستصفى والمنحول والمنتحل في علم الجدل والتهافت على الفلاسفة ومعيار العلم والمقاصد والمضنون به على أهله وشرح أسماء الله الحسنى المسمى بالمقصد الأسنى ومشكاة