للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرب، وهو مذهب ابي حنيفة، لأن دار الحرب دار جهل يعذر فيه بخلاف دار الإسلام.

والثالث - لا إعادة عليه مطلقاً، وهو الوجه الثاني في مذهب أحمد وغيره. وأصل هذين الوجهين أن حكم الشارع هل ثبت في حق المكلف قبل بلوغ الخطاب له فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره: أحدها - يثبت مطلقاً والثاني - لا يثبت مطلقاً. والثالث - يثبت حكم الخطاب المبتدأ دون الخطاب الناسخ، كقضية أهل قباء، وكالنزاع المعروف في الوكيل إذا عزل فهل يثبت حكم العزل في حقه قبل العلم؟ وعلى هذا لو ترك الطهارة الواجبة لعدم بلوغ النص مثل أن يأكل لحم الإبل ولم يتوضا ثم يبلغه النص ويتبين له وجوب الوضوء، ويصلى في أعطان الإبل ثم يبلغه ويتبين له النص فهل عليه إعادة ما مضى؟ فيه قولان هما روايتان عن أحمد، ونظيره أن يمس ذكره ويصلى ثم يتبين له وجوب الوضوء من مس الذكر.

والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة، لأن الله تعالى عفا عن الخطأ والنسيان، ولأنه قال: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً} [الإسراء ١٥] فمن لم يبلغه أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في شئ معين لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يامر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر وعماراً لما أجبنا فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرع - أن يعيد واحد منهما. وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب يمكث أياماً لم يصلى. وكذلك لم يامر من أكل من الصحابة حتى يتبين الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء. كما لم بأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ بالقضاء.

ومن هذا الباب المستحاضة إذا مكث مدة لا تصلى لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان: أحدهما - لا إعادة

<<  <   >  >>