ذكر ذلك الخلال في جامعة عن المروزي، وكذلك ذكر أصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى: أن حكم المائعات عندهم حكم الماء ومذهبهم في المائعات معروف فيه إذا كانت منبسطة بحيث لا يتحرك أحد طرفيها بتحرك الطرف الأخر لم يتنجس كالماء عندهم.
وأما أبو ثور فإنه يقول بالقلتين كالشافعي. والقول أنها كالماء، يذكر قولاً في مذهب مالك رحمه الله تعالى، وقد ذكر أصحابه عنه في يسير النجاسة إذا وقعت في الطعام الكثير روايتين. وروى عن ابن نافع من المالكية في الحباب التى بالشام للزيت تموت فيه الفأرة: أن ذلك لا يضر الزيت.
وقال ابن الماجشون في الزيت وغيره تقع فيه الميتة ولم يتغير أوصافه وكان كثيراً: لم ينجس بخلاف موتها فيه. ففرق بين موتها فيه ووقوعها فيه.
ومذهب ابن حزم وغيره من أهل الظاهر: أن المائعات لا تنجس بوقوع النجاسة إلا السمن إذا وقعت فيه فأرة، كما يقولون: إن الماء لا ينجس إلا إذا بال فيه بائل. والثالثة - يفرق بين المائع المائي كخل الخمر وغير المائي كخل العنب، فيلحق الأول بالماء دون الثاني.
وفي الجملة للعلماء في المائعات ثلاثة أقوال: أحدها - أنها كالماء. والثاني أنها أولى بعدم التنجس من الماء لأنها طعام وإدام فإتلافها فيه فساد، ولأنها أشد إحالة للنجاسة من الماء، أو مباينة لها من الماء. والثالث - أن الماء أولى بعدم التنجس منها لأنه طهور. وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة في غير هذا الموضع، وذكرنا حجة من قال بالتنجس وأنهم احتجوا بقوله عليه الصلاة والسلام:((إن كان جامداً فألقوها وما حولها وكلوا سمنكم، وإن كان مائعاً فلا تقربوه)) رواه أبو داود وغيره. وبينا ضعف