للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبيحها ويحرمها من غير أن يحكم الله تعالى فيها بشئ من ذلك. وعندنا، الحاكم بالحسن والقبح هو الله تعالى، وهو متعال عن أبي يحكم غيره، وعن أن يجب عليه شئ، وهو خالق أفعال العباد، جاعل بعضها حسناً وبعضها قبيحاً وله في كل قضية كلية أو جزئية حكم معين، وقضاء مبين، وإحاطة بظواهره وبواطنها، وقد وضع فيها ما وضع من خير أو شر، ومن نفع أو ضر، ومن حسن أو قبح.

وثانياً - أن العقل عندهم يوجب العلم بالحسن والقبح بطريق التوليد بأن يولد العقل العلم بالنتيجة عقب النظر الصحيح. وعندنا العقل آلة لمعرفة بعض من ذلك، إذ كثير مما حكم الله تعالى بحسنه أو قبحه لم يطلع العقل على شئ منه، بل معرفته موقوفة على تبليغ الرسل، لكن البعض منه قد أوقف الله تعالى العقل على انه غير مولد للعلم، بل أجرى عادته بخلق بعضه من غير كسب، وبعضه بعد الكسب. أى ترتيب العقل المقدمات المعلومة ترتيباً صحيحاً على ما مر أنه ليس لما قدرة إيجاد الموجودات، وترتيب الموجودات ليس بإيجاده. أهـ. ملخصاً.

وكتب السعد في تلويحه على قوله ((وعندنا الحاكم بالحسن والقبح هو الله تعالى)) ما نصه: لا يقال هذا مذهب الأشاعرة بعينه، لأنا نقول: الفرق هو أن الحسن والقبح عند الأشاعرة لا يعرفان إلا بعد كتاب ونبي وعلى هذا المذهب قد يعرفها العقل بخلق الله تعالى علماً ضرورياً بهما، إما بلا كسب كحسن تصديق النبي وقبح الكذب الضار، وإما مع كسب كالحسن والقبح المستفادين من النظر في الأدلة وترتيب المقدمات، وقد لا يعرفان إلا بالنبي والكتاب كأكثر أحكام الشرع. أهـ. ملخصاً.

وقال التاج السبكي في جمع الجوامع: الحسن والقبح بمعنى ملاءمة الطبع

<<  <   >  >>