الشارع أنه يريد التخفيف عن هذه الأمة، وكان يقول:((أتركوني ما تركتكم)) أهـ.
وقد أجمل الشيخ ابن حجر عفا الله تعالى عنه هذا القول ولم يعزه أيضاً إلى محله. وقد أطنب الأصوليين في بحث مخالفة الإجماع وتقسيمه، فإن أردت التفصيل فعليك بكتبهم. وأما حجية الإجماع فقد قال بها الشيخ ابن تيمية، ففى فتاواه ما نصه:
(مسألة في إجماع العلماء - هل يجوز للمجتهد خلافه وما معناه؟
أجاب: معنى الإجماع أن يجمع علماء المسلمين على حكم من الأحكام، وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم. فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة، ولكن كثيراً من المسائل يظن بعض الناس فيها إجماعاً ولا يكون الأمر كذلك، بل يكون القول الآخر أرجح في الكتاب والسنة. وأما أقوال بعض الأئمة كالفقهاء الأربعة وغيرهم فليس حجة لازمة ولا إجماعاً باتفاق المسلمين.
بل قد ثبت عنهم رضي الله تعالى أنهم نهوا الناس عن تقليدهم وأمروا إذا رأوا قولاً في الكتاب والسنة أقوى من قولهم أن يأخذوا بما دل عليه الكتاب والسنة ويدعوا أقوالهم.
ولهذا كان الأكابر من أتباع الأئمة الأربعة لا يزالون إذا ظهر لهم دلالة الكتاب والسنة على ما يخالف قول متبوعهم اتبعوا ذلك، مثل مسافة القصر فإن تحديدها بثلاثة أيام وستة عشر فرسخاً لما كان قولاً ضعيفاً كان طائفة من العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم يرى قصر الصلاة في السفر الذى دون ذلك، كالسفر من مكة إلى عرفة، فإنه قد ثبت أن أهل مكة قصروا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى وعرفه.