للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفسيره بمجموع اللفظ والمعنى كما فسره هو ايضاً. وذلك في قوله على النفسي، وفي قول الجمهور على الحقيقى. ولا شك حينئذ أن مجموع النفسي ومعناه من حيث المجموع يصدق عليه أنه مدلول اللفظ الحقيقي وحده، لأن اللفظ الحقيقى لكونه صورة النفسي في مرتبة تنزله دال عليه، ويدل على أن المراد المجموع قول إمام الحرمين في الإرشاد: ذهب أهل الحق إلى إثبات الكلام القائم بالنفس وهو القول، اى المقول الذى يدور في الخلد، وهو اللفظ النفسي الدال على معناه بلا انفكاك.

نعم، عبارة صاحب المواقف غير واضحة في المقصود، وله مقاله مفردة في ذلك، ومحصولها كما قال السيد قدس سره: أن لفظ المعنى يطلق تارة على مدلول اللفظ. وأخرى على الأمر القائم بالغير. فالشيخ لما قال: الكلام النفسي هو المعنى النفسي، فهم الأصحاب منه أن مرداده مدلول اللفظ وحده، وهو القديم عنده. وأما العبارات فإنها تسمى كلاماً مجازاً لدلالتها على ما هو كلام حقيقي، حتى صرحوا بأن الألفاظ خاصة حادثة على مذهبه أيضاً، لكنها ليست كلامه حقيقة.

وهذا الذى فهموه من كلام الشيخ له لوازم كثيرة فاسدة، كعدم إكفار من أنكر كلامية ما بين دفتى المصحف مع انه علم من الدين ضرورة كونه كلام الله حقيقة، وكعدم المعارضة والتحدي بكلام الله الحقيقي، وكعدم كون المقروء والمحفوظ حقيقة إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتفطن في الأحكام الدينية.

فوجب حمل كلام الشيخ على أنه أراد به المعنى الثاني، فيكون الكلام النفسي عنده أمراً شاملاً للفظ والمعنى جميعاً قائماً بذات الله تعالى، وهو مكتوب في المصاحف، مقروء بالألسن، محفوظ في الصدور، وهو غير

<<  <   >  >>