كلاماً لا يفهم معناه لا تؤثر ألفاظه في نفسه شيئاً. وقد يتذكر الإنسان في حالة سروره كلاماً يحزنه، وفي حالة حزنه كلاماً يسره فيتأثر بهما، ولا صوت ولا حرف هناك، وإنما هي حروف وكلمات مخيلية نفسية، وهو الذى عناه الشيخ بالكلام النفسي. وعلى هذا فالسمع في قولهم لتأثيره في نفس السامع ليس بقيد واللتأثير في النفس مطلقاً معتبر في وجه التسمية.
وأما ثالثاً - فلأن ما قاله في قوله تعالى {يقولون في أنفسهم} من أنه مجاز على المعنى النفسي فيه بقرينه ((في أنفسهم)) ولو أطلق لما فهم إلا العبارة يرده قوله تعالى: {يقولون بأفواههم - وفي ىية - بالسنتهم ما ليس في قلوبهم} إذا لو كان مجرد ذكر ((في انفسهم)) قرينة على كون القول مجازاً في النفسي لكان ذكر ((بأفواههم)) و ((ألسنتهم)) قرينة على كونه مجازاً في العبارة واللازم باطل فكذا الملزوم.
نعم، والتقييد على دليل على ان القول مشترك معنى بين النفسي واللفظي وعين بن المراد من فردية فهو لنا لا علينا.
واما رابعاً - فلأن ما ذكرناه في قوله تعالى:{وأسروا} الآية تحكم بحت لأن السر كما قال الزمخشري: ما حدث به الرجل نفسه أو غيره من مكان خال ويساعده الكتاب والآثر واللغة، كما لا يخفى على المتتبع.
وأما خامساً: فلأن ما ذكره في بيت الأخطل خطل من وجوه:
أما أولاً فعلى تقدير أن يكون المشهور ((البيان)) بدل ((الكلام)) يكفينا في البيان لأنه اسم مصدر بمعنى ما يبين به، أو مصدر بمعنى التبيين. وعلى الأول هو بمعنى الكلام ولا فرق بينهما إلا في اللفظ. وعلى الثاني هو مستلزم للكلام النفسي بمعنى المتكلم به، عن كان المراد التبيين القلبي، اعنى ترتيب القلب للكلمات الذهنية على وجه إذا عبر عنها باللسان فهم غيره ما قصده منها.