أهل السماء فيخرون سجداً حتى إذا فزع عن قلوبهم - قال: سكن عن قلوبهم - نادى أهل السماء: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق قال كذا وكذا. يعنى ذكر الوحي. وعن عبد الله بن الحرث عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال:((إن الله تبارك وتعالى إذا تكلم بالوحي سمع أهل السماوات صوتاً كصوت الحديد إذا وقع على الصفا فيخرون له سجداً، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير)) .
قال محمد بن كعب: قال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: بم شبهت صوت ربك حين كلمك من هذا الخلق؟ قال: شبهت صوت ربي الرعد حين لا يرتجع.
وهذه الآيات والأخبار تدل على أن كلام الله عز وجل صوت لا كصوت الآدميين، كما أن علمه وقدرته وبقية صفاته لا تشبه صفات الآدميين، كذلك صوت. وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى على إثبات الصون في رواية جماعة من الأصحاب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين خلاف ما قالت الأشعرية، من أن كلام الله تعالى معنى قائم بنفسه، والله حسيب كل مبتدع ضال مضل، والله سبحانه لم يزل متكلماً وقد احاط كلامه بجميع معانى الأمر والنهى والاستخبار.
وقال ابن خزيمة رحمه الله تعالى: كلام الله تعالى متواصل لا سكوت فيه ولا صمت. وقيل لأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: هل يجوز أن نقول إن الله تعالى متكلما ويجوز عليه السكوت؟ فقال رحمه الله تعالى: نقول في الجملة: إن الله تعالى لم يزل متكلماً، ولو ورد الخبر بأنه سكت لقلنا به، ولكنا نقول: إنه متكلم كيف شاء بلا كيف ولا تشبيه.