ومنه ما يتكلم به الأنبياء ولا يكتبونه لأحد ولا يأمرون بكتابة ولكنهم يحدثون به الناس حديثاً، ويبينون بهم أن الله عز وجل أمرهم أن يبينوا للناس، ويبلغوهم من الوحى ما يرسل به إليه فيوحون وحياً في قلوب من يشاء من رسله.
وقد بين الله وجل لنا في كتابه أنه يرسل جبريل عليه السلام إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال الله عز وجل في كتابه:{من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين}[البقرة ١٧] وذكر أنه الروح الأمين فقال: {وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين، على قلبك}[الشعراء ١٩٢ - ١٩٤] الآية - فذهب في الوحي الأول إلى أنه ما يوحى الله عز وجل به إلى النبي عليه السلام فيثبت ما أراد من وحيه في قلبه فيتكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يجمع حال اليقظة والنوم.
وذهب فيما يوحى الله عز وجل إلى النبي بإرسال الملك إليه إلى أنه يكون على نوعين: أحدهما - أن ياتيه الملك فيكلمه بأمر الله عز وجل تكليماً، والآخر أن يأتيه فيلقى في روحه (١) ما أمر الله عز وجل، وكذلك بين في الأخار.
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها أن الحرث بن هشام سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، كيف يأتيك الوحي؟ قال:((كل ذلك يأتى الملك أحياناً في مثل صلصلة الجرس فيصم عنى وقد وعيت ما قال وهو أشده على، ويتمثل في مثل الملك أحياناً رجلاً فليكلمنى فأعى ما يقول)) رواه البخارى في الصحيح.
وروى المطلب بن حنطب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما تركت شيئاً مما أمركم الله عز وجل به إلا وقد أمرتكم به ولا تركت