للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به مباينة الذات التى هي بمعنى الاعتزال والتباعد، لأن المماسة والمباينة التى هي ضدها، والقيام والقعود من اوصاف الأجسام، والله عز وجل أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. ولا يجوز عليه ما يجوز على الأجسام.

وحكى الأستاذ: أبو بكر بن فورك رحمه الله تعالى هذه لطريقة عن بعض اصحابنا أنه قال: أستوى بمعنى علا، ثم قال: ولا يريد بذلك علوا بالمسافة والتحيز والسكون في مكان متمكناً فيه.. ولكن يريد معنى قول الله عز وجل: {أأمنتم من في السماء} [الملك ١٦] أى من فوقها، على معنى نفى الحد عنه، وانه ليس مما يحويه طبق أو يحبط به قطر.

ووصف الله سبحانه بذلك طريقة الخبر، فلا يتعدى ما ورد به الخبر. قلت: وهو على هذه الطريقة من صفات الذات، وكلمة ((ثم)) تعلقت بالمستوى عليه لا بالاستواء، وهو كقوله تعالى: {ثم الله شهيد على ما تعملون} [يونس ٤٦] يعنى: ثم يكون عملكم فيشهده. وقد اشار أبو الحسن على بن إسماعيل رحمه الله تعالى إلى هذه الطريقة حكاية فقال بعض أصحابنا: إنه صفة ذات، ولا يقال: لم يزل مستوياً على عرشه، كما أن العلم بأن الأشياء قد حدثت من صفات الذات. ولا يقال: لم يزل عالماً بأن قد حدثت ولما حدثت بعد. قال: وجوابي هو الأول، وهو أن الله تعالى مستو على عرشه، وأنه فوق الأشياء بائن منها بمعنى أنه لا تحله ولا يحلها، لا يمسها ولا يشبهها وليست البينونة بالعزلة، تعالى ربنا عن الحلول والمماسة علواً كبيراً.

قال: وقد قال بعض أصحابنا: إن الأستواء صفة الله تعالى بنفى الاعوجاج عنه.

وفيما كتب إلى الأستاذ أبي موسى بن أبي أيوب رحمه الله تعالى: أن كثيراً من مبادئ أصحابنا ذهبوا إلى أن الاستواء هو القهر والغلبة، ومعناه

<<  <   >  >>