منها. فلو كان تأويل هذه الظواهر مسنوناً أو محتوماً لأوشك أن يكون أهتماهم بها فوق الاهتمام بفرع الشريعة.
وقد اختاره أيضاً الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه الذى وصفه في اختلاف المضلين ومقالات الإسلاميين، وفي كتابه الإبانة في أصول الديانة، وهو آخر مصنفاته فيما نقل. وقد قال البيضاوى في الطوالع: الأولى اتباع السلف في الإيمان بهذه الأشياء، يعنى المتشابهات، ورد العلم إلى الله تعالى بعد نفى ما يقتضى التشبيه والتجسيم. اهـ.
وعلى ذلك جرى محققة الصوفية فقد جمع منهم أنهم قالوا: إن الناس ما احتاجوا إلى تأويل الصفات إلا من ذهولهم عن اعتقاد أن حقيقتة تعالى مخالفة لسائر الحقائق، وإذا كانت مخالفة فلا يصح في آيات الصفات قط تشبيه، إذ التشبيه لا يكون إلا مع موافقة حقيقته تعالى لحقائق، وذلك محال.
وعن الشعرانى: أن من أحتاج إلى التأويل فقد جهل أولاً وآخراً.
وأما أولاً - فبتعقله صفة التشبيه في جانب الحق وذلك محال، وأما آخراً فلتأويله ما أنزل الله تعالى على وجه لعله لا يكون مراد الحق سبحانه.
وفي الدرر المنثورة له: أن المؤول انتقل من شرح الاستواء الجثماني على الاستيلاء على العرش المكانى بالتنزيه عنه إلى التشبيه بالأمر السلطاني الحادث، وهو الاستيلاء على المكان فهو انتقال عن التشبيه بمحدث آخر، فما بلغ عقله في التنزيه مبلغ الشرع فيه في قوله تعالى:{ليس كمثله شئ} ألا ترى أنه استشهد في التنزيه العقلى في الاستواء بقول الشاعر:
* قد أستوى ... ... ... ... . * ... ... ... ... ... البيت
وأين استواء بشر على العراق من استواء الحق سبحانه على العرش؟ ؟ فالصواب أن يلزم العبد الأدب مع مولاه، وبكل معنى كلامه إليه عز وجل.