وقوله عز وجل:{يا حسرتا على العباد} كما في بعض القراءات، وكذا قوله - صلى الله عليه وسلم - إن صح:((الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن قبله أو صافحه فكأنما صافح الله تعالى وقبل يمينه)) فأجعل الكلام فيه خارجاً مخرج التشبيه لظهور القرينة، ولا أقول الحجر الأسود من صفاته تعالى كما قال السلف في اليمين. وأرى من يقول بالظواهر ونفى اللوازم في الجمع بينه وبين القول بوحدة الوجود على الوجه الذى قاله محققو الصوفية مثل ما بين سواد العين وبياضها.
وأميل ايضاً إلى القول بقبيب العرش، لصحة الحديث في ذلك، والأقرب إلى الدليل العقلى القول بكريته. ومن قال بذلك أجاب عن الأخبار السابقة بما لا يخفى على الفطن.
وقال الشيخ الكبر محيى الدين قدس سره في الباب الحادى والسبعين والثلثمائة من الفتوحات: إنه ذو أركان أربعة، ووجوه أربعة هي قوائمه الصلية، وبين كل قائمتين قوائم وعددها معلوم عندنا ولا أبينها - إلى آخر ما قال. وبفهم كلامه أن قوائمه ليست بالمعنى الذى يتبادر إلى الذهن، وصرح بأنه أحد حملته، وأنه أنزل عند أفضل القوائم وهي خزانة الرحمة، وذكر أن العماء محيط به، وأن صورة العالم بجملته صورة دائرة فلكية - وأطال الكلام في هذا الباب، وأتى فيه بالعجب العجاب.
وليس له في أكثر ما ذكره فيه مستند نعلمه من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. ومنه ما لا يجوز لنا ان تقول بظاهرة والظاهر أن العرش واحد.
وقال: من قال من الصوفية بتعدده. ولا يخفى ما في نسبة الاستواء إليه تعالى بعنوان الرحمانية مما يزيد قوة الرجاء به جل وعلا، وسبحان من وسعت رحمته كل شئ. أنتهى. وإنما سقته بطوله لأنه قلما تجده في كتاب.