سليمان الدارانى وسهل بن عبد الله التسترى وغيرهم، فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة وأمثالهم نزاع في أصول الدين. وكذلك الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى، فإن الاعتقاد الثابت عنه في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد هؤلاء، واعتقاد هؤلاء ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وهو مما نطق به الكتاب والسنة.
وقال الشافعي في أول خطبة الرسالة: الحمد لله الذى هو كما وصف به نفسه وفوق ما يصفه به خلقه، فبين رحمه الله تعالى أن الله سبحانه موصوف بما وصف به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وكذلك أحمد بن حنبل، رحمه الله تعالى، قال: لا يوصف الله تعالى إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا تتجاوز القرآن والحديث. وهكذا مذهب سائرهم أنهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصف به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل، بل يثبتون له ما اثبته لنفسه من الأسماء الحسنى والصفات العلا، ويعلمون أنه ليس كمثله شئ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإنه كما أن ذاته سبحانه ليست مثل الدوات المخلوقة، فصفاته ليست كالصفات المخلوقة، بل سبحانه موصوف بصفات الكمال، منزه عن كل نقص وعيب، فهو حي قيوم، سميع بصير، عليم قدير، رءوف رحيم، وهو الذى خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستة ايام، ثم أستوى على العرش، وهو الذى كلم موسى تكليماً، وتجلى للجبل فجعله دكا، ولا يماثله شئ من الأشياء في شئ من صفاته، فليس كعلمه علم أحد، ولا كقدرته قدرة أحد، ولا كرحمته رحمة احد، ولا كاستوائه أحد، ولا كسمعه وبصره، ولا بصره، ولا كتكليمه تكليم أحد،