[آل عمران ٥٥] ، وقال:{بل رفعه الله إليه}[النساء ١٥٨] ، وقال {الذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق}[الأنعام ١١٤] وقال: {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم}[الجاثية والأحقاف ٢] وقال تعالى: {وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته [الأنبياء ٢٠] ، فدل بذلك على ان الذين عنده هم قريبون إليه، وإن كانت المخلوقات تحت قدرته. فالقائل الذى قال: من لا يعتقد أن الله تعالى في السماء فهو ضال، إن أراد بذلك من لا يعتقد أن الله في جوف السماء بحيث تحصره وتحيط به فقد أخطأ.
وإن أراد بذلك من لم يعتقد ما جاء به من الكتاب والسنة واتفق عليه سلف الأمة وأئمتها من أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه فقد أصاب فإنه من لم يعتقد ذلك يكون مكذباً للرسول - صلى الله عليه وسلم - متبعاً غير سبيل المؤمنين بل يكون في الحقيقة معطلاً لربه نافياً له فلا يكون له في الحقيقة إله يعبده ولا رب يسأله ويقصده وهذا قول الجهمية ونحوهم من أتباع فرعون المعطل والله سبحانه فطر العباد عربهم وعجمهم على أنهم إذا ادعوا توجهت قلوبهم إلى العلو ولا يقصدونه تحت أرجلهم.
ولهذا قال بعض العارفين: ما قال عارف قط يا ألله إلا وجد في قلبه قبل أن يتحرك لسانه معنى يطلب العلو ولا يلتفت يمنة ولا يسرة.
وأما القائل الذي يقول: إن الله تعالى لا ينحصر في مكان إن أراد به أن الله تعالى لا ينحصر في جوف المخلوقات وأنه لا يحتاج إلى شيء منها فقد أصاب وإن أراد أن الله سبحانه وتعالى ليس فوق السماوات ولا هو مستو على العرش استواء لائقاً بذاته وليس هناك إله يعبد ومحمد - صلى الله عليه وسلم - لم يعرج به إلى الله تعالى فهذا جهمي فرعوني معطل.