أبطل وأبطل، وإما أن يكون الله سبحانه بائناً عنهما لم يدخل فيهما ولم يدخلا فيه، وهذا قول أهل الحق والتوحيد والسنة.
ولأهل الجحود والتعطيل في هذا الباب شبهات يعارضون بها كتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وما أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، وما فطر الله تعالى عليه عباده، وما دلت عليه الدلائل العقلية الصحيحة.
فإن هذه الأدلة كلها متفقة على أن الله تعالى فوق مخلوقاته عال عليها، قد فطرهم على الإقرار بالخالق تعالى، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح:((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء)) ثم قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: أقرءوا إن شئتم {فطرة الله التى فرط الناس عليها لا تبديل لخلق الله}[الروم ٣٠] وهذا معنى قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: عليك بدين الأعراب والصبيان في الكتاب، عليك بما فطرهم الله تعالى عليه، فإن الله سبحانه فطر عباده على الحق، والرسل بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لا بتحويل الفطرة وتغييرها.
وأما أعداء الرسل كالجهمية الفرعونية ونحوهم فيريدون أن يغيروا فطرة الله تعالى ودينه عز وجل، ويوردون على النفس شبهات بكلمات متشبهات لا يفهم كثير من الناس مقصودهم بها، ولا يحسن أن يجيبهم، وقد بسط الكلام عليهم في غير هذا الموضع.
وأصل ضلالهم تكلمهم بكلمات مجملة لا أصل لها في كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا قالها أحد من أئمة المسلمين، كلفظ المتحيز والجسم والجهة ونحو ذلك. فمن كان عارفاً بحال شبهاتهم بينها