الحديث الفرد، فكيف يثبت به حكم هو مبني الدين، وأساس ملة المسلمين؟ على أنه لا شاهد فيه أيضاً، لأنه دل على طلب الدعاء من الرسول - صلى الله عليه وسلم -. فإنهم لما حصل لهم الجدب فروا إلى نبينا - صلى الله عليه وسلم - ليدعو لهم بكشف ما أهمهم.
وأما باقى الأحاديث فلا تخلو عن ضعف أو كذب رواه، أو غير ذلك مما يمنع العمل بموجبه، وإن نظرت إليها بعين الإيمان وجدت آثار الوضع لأئحة عليها، وأحوال الصحابة تدل على انهم غير معترفين بما فيها. ولو كان عندهم من ذلك أدنى رائحة لجاءوا إلى قبره المطهر في جميع ما ينوبهم على الرواحل، وتركوا عند ذلك جميع المشاغل، ولا زالت الصحابة تسد ذرائع التوسل الذى أدعاه المجزون، كما فعل عمر - رضي الله عنه - من قطع الشجرة التى بويع تحتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وما ذكره محمد بن إسحاق في مغازيه عن أبي العالية، قال: لما فتحنا تستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريراً عليه رجل ميت عند رأسه مصحف له، فإخذنا المصحف فحملناه إلى عمر بن الخطاب فدعا له كعباً - رضي الله عنه - فنسخه بالعربية، فأنا أول رجل من العرب قرأه فقرأته مثل ما أقرأ القرآن فقلت لأبي العالية: ما كان فيه؟ قال: سيرتكم واموركم ولحن كلامكم وما هو كائن بعد.
فقلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا له بالنهار ثلاثة عشر قبراً متفرقة فلما كان بالليل دفناه وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس لا ينبشونه.
قلت: وما يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حبست عنهم، أبرزوا السرير فيمطرون.
فقلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له: دانيال.
فقلت: منذ كم وجدتموه مات؟ قال: منذ ثلثمائة سنة. قلت: ما كان