وهي ما اخرجه أبو يعلى والبيهقى عن انس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:((الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون)) حياه حقيقية، كما هو الأصل في حمل الألفاظ على حقائقها، ولم نثبت قرينه على التجوز بها فينبغي الحياة على حقيقتها. أجبناه قائلين: لا شك أنه لا يرد بهذه الحياة الحقيقية ولو أريدت لاقتضت جميع لوازمها من اعمال وتكليف وعبادة ونطق وغير ذلك، وحيث أنتفت حقيقة هذه الحياة الدنيوية بانتفاء لوازمها، وبحصول الانتقال من هذه الحياة الدنيوية الحقيقية إلى تلك الحياة البرزخية المعبر عن هذا الانتقال بالموت الحال به - صلى الله عليه وسلم - وارواحنا له الفداء - كما قال تعالى:{إنك ميت وإنهم ميتون}[الزمر ٣٠] .
وقال عز من قائل:{وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على أعقابكم}[آل عمران ١٤٤] .
وحلول الموت به - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أحداً إنكاره.
ولما جاء الصديق - رضي الله عنه -، وكان غائباً بالعالية، وقد أذن له - صلى الله عليه وسلم - بالذهاب فكشف عن وجهه الشريف المكرم قال له: روحي لك الفداء، طبت حياً وميتاً.
وفي حديث سالم: أنه تلا الايتين المذكورتين عند ذلك، ثم صعد المنبر فقال في خطبته: يأيها الناس، من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت - وتلا هذه الآية، فتراجع الناس إلى عقولهم. وقال عمر: فو الله لكأنى لم اتل هذه الآية قط.
وحيث انتفت الحياة الحقيقية بما ذكر وبغيره ثبتت الحياة البرزخية، وهي متفاوتة، فحياة الشهداء فوق حياة المؤمنين، وحياة الأنبياء عليهم السلام أعلى من حياة الشهداء. وقد شرف سبحانه هؤلاء الأحياء بالتشريفات العندية،