للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشبيتاً لهممهم، إنما كان كذلك لأنه شرك أينما كانوا، لأن الرجل منهم أشرك بالله عز وجل؟ حيث طمع في مخلوق مثله، لا يملك ضراً ولا نفعاً، ولا عطاء ولا منعاً، فجعل ملك الملوك لمملوكه، فأنى يكون له ورع، فلا يتحقق ورعه حتى ينسب الأشياء إلى مالكها عز وجل، ولا يطلبها من غيره.

وقيل: الطمع له اصل وفرع، فاصله الغفلة، وفرعه الرياء والسمعة والتزين والتصنع، وحب إقامة الجاه عند الناس، وعن بعضهم: طمعت يوماً مرة في شئ من أمر الدنيا، فهتف بي هاتف وهو يقول: يا هذا، إنه لا يحمد بالحر المريد إذا كان يجد عند الله تعالى كل ما يريد أن يركن بقلبه إلى العبيد، وأعلم أنه لا يخطر على قلب مريد شئ من الطمع ويساكنه غلا لأجل كمال البعد عن الله عز وجل، حيث طمع في مخلوق مثله، وهو يرى أن مولاه مطلع عليه ثم لم يحجزه من ذلك. أهـ.

ونقل الوالد عليه الرحمة، قدس سره، أنه قال في ((فتوح الغيب)) ما نصه: من اراد السلامة في الدنيا والأخرة، فيعلمه بالصبر والرضا، وترك الشكوى إلى خلقه، وإنزال حوائجه بربه عز وجل، ولزوم طاعته،وانتظار الفرج منه سبحانه، والانقطاع إليه. فحرمانه عطاء، وعقوبته نعماء، وبلاؤه دواء، ووعده حال، وقوله فعل، وكل أفعاله حسنة، وحكمه ومصلحة، غير أنه طوى عز وجل علم المصالح عن عباده، وتفرد به، فليس إلا الاشتغال بالعبودية، وأداء الأوامر واجتناب النواهي، والتسليم في القدر، وترك الاشتغال بالربوبية، والسكون عن لم وكيف ومتى. وتسند هذه الجملة إلى حديث ابن عباس قال: بينما انا رديف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: ((يا غلام، أحفظ الله يحفظك، وأحفظ الله تجده أمامك، وإذا سالت فأسأل الله، وإذا أستعنت فاستعن بالله، وجف القلم بما هو كائن، ولو جهد

<<  <   >  >>