للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضاً في باب الإشارات على قوله تعالى: {إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً} [الحج ٧٣] الآية، وإشارة إلى ذم الغالين في اولياء الله تعالى، حيث يستغيثون بهم في الشدة، غافلين عن الله تعالى، وينذرون لهم النذر. والعقلاء منهم يقولون: إنهم وسائلنا إلى الله تعالى، وإنما ننذر لله عز وجل، ونجعل ثوابه للولى - ولا يخفى أنهم في دعواهم الولى أشبه الناس بعبدة الأصنام القائلين: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى. ودعواهم الثانية لا باس لها لو لم يطلبوا منهم بذلك شفاء مريضهم، أو رد غائبهم، او نحو ذلك، والظاهر من حالهم الطلب. ويرشدك إلى ذلك أنه لو قيل: أنذروا لله تعالى، واجعلوا ثوابه لوالديكم فإنه احوج من اولئك الأولياء لم يفعلوا، ورايت كثيراً منهم يسجد على أعتاب حجر قبور الأولياء، ومنهم من يثبت التصرف لهم جميعاً في قبورهم، لكنهم متفاوتون فيه حسب تفاوت مراتبهم.

والعلماء منهم يحصرون التصرف في القبور في أربعة أو خمسة، وإذا طولبوا بالدليل قالوا: ثبت ذلك بالكشف - قاتلهم الله تعالى ما أجهلهم، وأكثر افتراءهم! منهم من يزعم انهم يخرجون من القبور، يتشكلون باشكال مختلفة. وعلماؤهم يقولون: إنما تظهر أرواحهم مشكلة، وتطوف حيث شاءت، وربما تشكلت بصورة اسد، او غزال أو نحوه - وكل ذلك باطل لا اصل له في الكتاب والسنة، وكلام سلف الأمة. وقد افسد هؤلاء على الناس دينهم، وصاروا ضحكة لأهل الأديان المنسوخة من اليهود والنصارى، وكذا لأهل النحل والدهرية - نسال الله تعالى العفو والعافية. أنتهى.

وقال الشيخ ابن عربي (في الباب الثاني والستين بعد المائتين من الفتوحات ما نصه) : أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: ((يا موسى، لا تجعل غيرى موضع حاجتك، وسلنى حتى الملح تلقيه في عجينك)) . هذا تعليم

<<  <   >  >>