للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي صحيح البخارى عن أنس: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا اقحطوا استسقى بالعباس - رضي الله عنه -، قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيك - صلى الله عليه وسلم - فتسقيا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا، فيسقون. فإنه لو كان التوسل به علينا الصلاة والسلام بعد انتقاله من هذه الدار جائزاً لما دعوا إلى غيره، بل كانوا يقولون: اللهم إنا نتوسل إليك نبينا فاسقنا، وحاشاهم أن يعدلوا عن التوسل بسيد الناس، إلى التوسل بعمه العباس، وهم يجدون ادنى مساغ لذلك.

فعدلهم هذا مع أنهم السابقون الأولون، وهم أعلم منا بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ,بحقوق الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، وما يشرع من الدعاء، وما لا يشرع، وهم في وقت ضرورة ومخمصة يطلبون تفريج الكربات، وتيسير العسير، وإنزال الغيث بكل طريق - دليل واضح على أن المشروع ما سلكوه دون غيره، وما ذكر من قياس غيره من الأرواح المقدسة عليه - صلى الله عليه وسلم - مع التفاوت في الكرامة، الذى لا ينكره إلا منافق مما لا يكاد يسلم.

على أنك قد علمت إن الإقسام به - صلى الله عليه وسلم - على ربه عز شانه حياً وميتاً مما لم يقم النص عليه. لا يقال إن في خبر البخارى دلالة على صحة الإقسام به عليه الصلاة والسلام حياً، وكذا بغيره كذلك.

أما الأول فلقول عمر - رضي الله عنه -: كنا نتوسل بنبيك - صلى الله عليه وسلم -. وأما الثاني فلقوله: إنا نتوسل بعم نبيك - لما قيل: إن هذا التوسل ليس من باب الإقسام، بل هو من جنس الاستشفاع، وهو أن يطلب من الشخص الدعاء والشفاعة، ويطلب من الله تعالى أن يقبل دعاؤه وشفاعته.

ويؤيد ذلك أن العباس كان يدعو وهم يؤمنون لدعائه حتى سقوا. وقد

<<  <   >  >>