تعالى:{ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر} على بعض التفاسير.
نعم، أختلف القائلون بالنسخ، فقالت طائفة منهم: إنما نسخت الحرمة بالإباحة، فزيارة القبور عندهم مباحة لا مستحبة، وحكى هذا عن الإمام مالك والإمام أحمد. ووجه ذلك أن صيغة ((أفعل)) بعد الحظر إنما تفيد الإباحة، كما في قوله عليه الصلاة والسلام:((كنت نهيتكم عن الانتباذ في الأوعية فأنتبذوا ولا تشربوا مسكراً)) وقد سئل الإمام مالك عن زيارة القبور فقال: كان نهى عنهما عليه الصلاة والسلام ثم اذن فيها. فلو فعل ذلك إنسان ولم يفعل الآخر لم ار بذلك بأساً، وليس من عمل الناس وفي رواية أخرى عنه أنه كان يضعف زيارتها. والذى عليه الأكثرون: أ، زيارة قبور المؤمنين مستحبة للدعاء الموتى مع السلام عليهم. وقد جاء الأمر بزيارتها غير رديف للنهي، ففي حديث ((زوروا القبور فإنها تذكر الأخرة)) .
وقال الحافظ أبو موسى الأصبهاني في كتابه (آداب زيارة القبور) : ورد الأمر بزيارة القبور من حديث على كرم الله تعالى وجهه، وابن عباس، وابن مسعود، وأنس، وبريدة، وعائشة، وأبي بن كعب، وأبي ذر، وأبي هريرة - رضي الله عنه -. ومقتضى التعليل في الآمر: أنه لا باس بزيارة قبور الكفار، لكن لا يجوز أمراً محرماً من شرك أو كذب، أو قول هجر، أو ندب أو نياحة، وكانت هي السبب فيه فهي حرام. وحكى المقدسى الحنبلى الإجماع على ذلك. وزيارة كثير من الناس، بل أكثرهم اليوم لقبور الصالحين من هذا القبيل. والآمر ظاهر لمن كان منصفاً ذا دين، فلا حاجة إلى التطويل وإذا لم يتضمن ذلك، بل كانت لمجرد إظهار الحزن على الميت لقرابته، أو صداقته فهي مباحة، كما يباح البكاء