للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد قال أيضاً في شرح عقيدة الإمام الطحاوى الحنفى في الكلام على التوحيد (١) ما نصه: وإن كثيراً من أهل النظر يزعمون دليل التمانع هو قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [الأنبياء ٢٢] لأعتقادهم أن توحيد الربوبية الذى قرروه هو توحيد الإلهية الذى بينه القرآن العظيم، ودعت إليه الرسل. وليس الأمر كذلك، بل التوحيد الذى دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب، هو توحيد الإلهية المتضمن توحيد الربوبية، وأن خالق السماوات والأرض واحد، كما أخبر عنه سبحانه بقوله: {ولئن سألتهم} الآية. ولم يكونوا يعتقدون أن الأصنام أنها مشاركة له سبحانه في حلق العالم، لكنهم يعتقدون انها تماثيل قوم صالحين من الأنبياء وغيرهم، ويتخذونهم شفعاء. ويتوسلون بهم إلى الله تعالى.

وهذا كان اصل شرك العرب، فعن ابن عباس وغيره في قوله تعالى: {وقالوا ولا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً} [نوح ٢٣] . أنها أسماء قوم صالحين في قوم نوح عليه السلام، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صورا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم وأن هذه الأصنام بعينها صارت إلى العرب.

وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هياج الأسدى قال: قال لي على بن ابي طالب كرم الله تعالى وجهه: ألا أبعثك على ما بعثنى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرنى أن لا أدع قبراً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته.


(١) وقال السفاريني: أن التوحيد ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية، وهو أنه لا خالق ولا رزاق ولا محيى، ولا مميت إلا هو. وتوحيد الإلهية، وهو إفراده سبحانه بالعبادة والتأله له والخضوع والحب والتوجيه. وتوحيد الصفات، وهو أن يصفه بما وصف به نفسه كما هو مذهب السلف فليحفظ. أهـ. منه.

<<  <   >  >>