للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بليغًا، كما لا يكون كذلك إذا استطاع صوغ الكلام البليغ في معنى دون آخر.

وقياسًا على ما سبق من أن البلاغة أخص من الفصاحة, يكون المتكلم البليغ أخص من الفصيح؛ لأن المتكلم البليغ هو "كما قلنا" من به ملكة الإتيان بكلام بليغ, والكلام البليغ "كما تقدم" مشروط فيه الفصاحة؛ وحينئذ لا يكون المتكلم بليغًا حتى يكون فصيحًا، أما المتكلم الفصيح فقد يفقد صفة البلاغة بأن يصوغ كلامًا خاليًا من العيوب المخلة بالفصاحة، غير مطابق لمقتضى الحال كما إذا قلت لمنكر نجاح أخيه: "نجح أخوك" من غير تأكيد. ومما تقدم تعلم أن:

البلاغة يتوقف تحققها على أمرين:

الأول: الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد، وهو معنى مطابقة الكلام لمقتضى حال الخطاب, على ما تقدم بيانه.

الثاني: سلامته من العيوب المخلة بفصاحته, على ما فصلناه لك سابقًا.

تتمة:

علمت مما تقدم في بيان تعريف الفصاحة والبلاغة ما يعرض للفظ من عيوب, وما ينتابه من خلل، فيجمل بنا إذًا أن نعرف: بم نتقي هذه العيوب ونتجنب هذا الخلل في كلامنا حتى يخرج اللفظ سليمًا معافى في جوهره، وصيغته، ومعناه، لا يشكو عيبًا، ولا يحس نقصًا؟ فنقول:

أ- الغرابة: يمكن اجتنابها بالاطلاع على علم متن اللغة, فمن تتبع كتب اللغة، ووقف على معاني المفردات المستعملة علم أن ما عداها مما يفتقر إلى تنقيب, أو تخريج غير سالم من الغرابة.

ب- المخالفة: يمكن الاحتراز عنها بالوقوف على ما نقل عن الواضع في معاجم اللغة, أو بالاطلاع على قواعد علم الصرف فهو الباحث في صيغ

<<  <  ج: ص:  >  >>