للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد خدم الخطيب بهذين الكتابين مؤلفات السابقين؛ فجمع شتاتها، وذلل صعابها، وسهل عسيرها، وهذب قواعدها، وهو لهذا معدود ممن خدموا كتب الفن، لا ممن ابتكروا فيه، ووضعوا أصوله, وأرسوا قواعده.

وقد بلغ من اعتراف العلماء بهذين الكتابين وجليل نفعهما أن عدوهما آخر ما وصل إليه الإتقان والإبداع في هذه الفنون، فلم يحدثوا أنفسهم بالزيادة على ذلك, أو التبديل فيه، أو الخروج عليه، ووقفت همتهم عند ما انتهى إليه هذا الإمام الجليل، وقصروا جهودهم على البحث في كتبه، يوضحون غامضها، ويحلون مشكلاتها، ويفسرون ما انْبَهم من عباراتها وتراكيبها، ومن ثم كثرت الشروح والحواشي والتقارير تقريبا للأفهام، وتيسيرا للعقول، وكل هذه الشروح -ولله الحمد- كانت خير مثابة لطلاب البلاغة وعشاقها، وأشهر هؤلاء الشراح:

سعد الدين التفتازاني:

هو سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني الشافعي, المولود بتفتازان١ سنة ٧١٢ أو ٧٢٢هـ على خلاف في الرواية.

نشأ سعد الدين عاكفا على دراسة العلم والأدب، واتصل في نشأته بالفطاحل من العلماء, فتخرج في علوم كثيرة منها الفقه, فهو معدود من أصحاب التصانيف فيه.

وله في الاهتمام بعلوم البلاغة شأن كبير، وشهرة ذائعة، بل له في كل ما صنف باع طويل في التحقيق البالغ أقصى المدى، وكانت تغلب عليه في ذلك قواعد الفلسفة والمنطق, كما كان مولعا أشد الولع بتعاطي الجدل والمناظرة. وقد تناول فيما تناول كتاب التلخيص فأحسن خدمته والعناية به في شرحيه -المطول والمختصر- وهما ما هما عند


١ إحدى قرى خراسان, من بلاد فارس.

<<  <  ج: ص:  >  >>