للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه:

من هذا المثال السابق يتضح أن التشبيه المجمل لا يخرجه عن إجماله أن يذكر لأحد الطرفين وصف مشعر بوجه الشبه, كما في قول فاطمة بنت الخرشب، فإن قولها: "لا يدرى أين طرفاها" وصف للحلقة "المفرغة" التي هي المشبه به، وهو مشعر بوجه الشبه١ الذي هو "التناسب الكلي", إذ يفهم من عدم دراية الطرفين معنى التناسب في الأجزاء. ومثله قول زياد الأعجم:

فإنا وما تلقي لنا أن هجوتنا ... لكالبحر "مهما تلق في البحر يغرق"

يشبه زياد حال قومه -إذ يرميهم المخاطب بالنقيصة فلا تضرهم، ولا يظهر لها فيهم أثر لخطورة شأنهم-يشبههم بحال البحر العظيم، لا يتأثر بما يلقى فيه, ووجه الشبه هيئة الأمر الخطير لا ينال منه الحقير, وقوله: "مهما تلق في البحر يغرق" وصف للمشبه به مشعر بهذا الوجه.

وقد يكون الوصف المشعر بالوجه خاصا بالمشبه, كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "أصحابي كالنجوم, بأيهم اقتديتم اهتديتم" فوجه الشبه في الحديث "الهداية"، وقد أشعر به قوله: "بأيهم اقتديتم اهتديتم" وهو وصف خاص بالمشبه. ومثله أن تقول: "رأيت اليوم رجلا كالسحاب يعم نفعه"، و"شهدت إنسانا كالأسد يهابه من يحدثه".

وقد يوصف كل من الطرفين بوصف مشعر بالوجه, كما في قول أبي تمام:

صدفت عنه ولم تصدف مواهبه ... عني، وعاودني ظني فلم يخب


١ لا يصلح أن يكون وجه شبه؛ لأنه وصف خاص بالحلقة، والوجه إنما يكون وصفا مشتركا بين الطرفين، وعلى طريقته من حيث وقوعه مجرورا "بفي" أو منصوبا على التمييز على معنى "في" كما علمت.

<<  <  ج: ص:  >  >>