للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زليخاء امرأة العزيز لا غير, لهذا كان هذا الوجه هو الأولى بالاعتبار، والأحق بالتقدير١, ومثل الآية المذكورة قول أبي العلاء المعري:

أعباد المسيح يخاف صحبي ... ونحن عبيد من خلق المسيحا؟

فقوله: "عبيد من خلق المسيح" أدل على تقرير غرضه وهو نفي خوف أصحابه من قوله: عبيد الله.

غير أنه ينبغي أن يعلم الذي أفاد زيادة التقرير إنما هو الوصول من حيث اشتماله على الصلة، فالصلة هي مبعث هذه الفائدة, وكذلك يقال فيما يأتي بعد من النكات.

٤- قصد التفخيم والتهويل في المسند إليه كما في قوله: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} يريد غشيهم ماء غزير لا يقدر كنهه, لهذا عبر عن المسند إليه "بما" الموصولية إذ إن في هذا الإبهام من التفخيم ما لا يفي به التصريح فيما لو قال: فغشيهم من اليم ثلاثون قامة مثلا ففي الموصول إذًا إشارة إلى أن تفصيل المسند إليه، وبيانه مما لا تفي به عبارة, ولا يحيط به علم٢ ومثله قول الشاعر يصف الخمر:

مضى بها ما مضى من عقل شاربها ... وفي الزجاجة باق يطلب الباقي٣

يريد تفخيم ما ذهب من عقول المعاقرين لها.

٥- تنبيه المخاطب على خطأ وقع منه، أو من غيره: مثال الأول قول عبدة بن الطيب من قصيدة يعظ بها بنيه:


١ ما ذكرناه من أن الآية مثال لزيادة التقرير هو الظاهر, ولا يبعد أن تكون أيضا لاستهجان التصريح بالاسم, إما لأن العادة جرت باستقباح التصريح بأسماء النساء, أو لأن السمع يمج لفظ زليخاء لكونه مركبا من حروف يستقبح في السمع اجتماعها.
٢ لا يقال إن صلة الموصول يشترط فيها أن تكون معهودة للمخاطب ليتعرف المسند إليه باعتبارها والإبهام في الصلة ينافي مقام التعريف، لا يقال ذلك لأن اشتراطهم عهدية الصلة إنما هو في غير مقام التعظيم والتفخيم.
٣ ومنه في غير المسند إليه قول دريد بن الصمة:
صبا ما صبا حتى علا الشبب رأسه ... فلما علاه قال للباطل ابعد

<<  <  ج: ص:  >  >>