للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان ذلك: أن "محمد" في المثال المذكور موضوع لعدة أشخاص يختلفون في صناعاتهم، فمنهم التاجر، والكاتب، والشاعر، والخطيب، فإذا قيل: "محمد سيزورنا" احتمل أن يكون الزائر محمدا التاجر، وأن يكون محمدا الخطيب أو الكاتب، فإذا قيل: "محمد الكاتب" ارتفع هذا الاحتمال، وصار الكلام نصا في واحد بعينه لا يحتمل غيره١.

هذا وإذا كان التخصيص عبارة عن تقليل الاشتراك، أو رفع الاحتمال كما بين فهو إذًا يدخل النكرات والمعارف، وهذا هو اصطلاح البيانيين، فكلا الأمرين عندهم تخصيص, بخلاف النحاة فإن التخصيص في عرفهم خاص بالنكرات؛ لأنه تقليل للاشتراك فيها، ولا يدخل المعارف عندهم، وأما رفع الاحتمال في المعارف فيسمى عندهم توضيحا لا تخصيصا.

٣- المدح أو الذم كما تقول: "وفد علينا محمد العالم"، "وذهب عنا خالد الجاهل" فقد وصف المسند إليه في الأول "بالعلم"، وفي الثاني "بالجهل"، لقصد مدح الأول، وذم الثاني, وإنما يكون الوصف للمدح أو الذم إذا كان الموصوف متعينا قبل ذكر الوصف كأن لا يشاركه في اسمه غيره، أو كان المخاطب يعرفه من قبل، فإن كان لا يتعين إلا به فالظاهر حينئذ أن يكون الغرض منه التخصيص أي: رفع الاحتمال٢.

٤- التوكيد وليس المراد التأكيد الاصطلاحي بنوعيه، بل المراد التقرير, وذلك فيما إذا كان المسند إليه متضمنا لمعنى ذلك الوصف، فيكون الوصف حينئذ مؤكدا ومقررا للمسند إليه كما في قولك: "أمس الدابر كان يوما عظيما" فقد وصف المسند إليه بالدبور لقصد تأكيده


١ اعلم أن اللفظ المشترك نوعان: معنوي ولفظي، فالمشترك المعنوي ما وضع لمعنى واحد مشترك بين أفراد "كرجل" وهذا هو المراد في تقليل الاشتراك أي: تقليل مقتضاه وهو الاحتمال, وإلا فإن اشتراك اللفظ بين أفراد مفهومه لا يندفع بشيء, والمشترك اللفظي ما وضع لمعنيين أو أكثر بأوضاع متعددة "كمحمد" فإنه وضع للتاجر بوضع. وللكاتب بوضع وللخطيب بوضع وهكذا, وهذا هو المراد به في رفع الاحتمال أي: الاحتمال الذي اقتضاه الاشتراك اللفظي.
٢ أي: وإن صح أن يراد منه المدح أو الذم، والمدار في ذلك على قصد المتكلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>