(٢) كذا ورد عند النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٣١ - ٣٢) نقلا عن المصنف، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ١٢٧ - ١٢٨ نقلا عن المصنف أيضا. وحكاية المصنف هذه القصة بهذا الأسلوب الذي يدل بدلالة مفهومة على أن للسحر تأثيرا في الأعيان، وأن مجرد التبرك بدخول المدينة كفيل بالعلاج من السحر المؤثر في الأعيان اعتقاد باطل من وجوه: لم نقف على سند لهذه القصة في مصنفات السابقين للمرجاني، والمرجاني لم يذكر سندها ولا تاريخ وقوعها ولم يسندها إلى الثقات وإنما ذكرها على سبيل الحكاية. أن الله تعالى صرح في قرآنه باستحالة جريان السحر على المحسوس وصرح بأنه يجري على المرئي فقط، وذلك بدليل أن الله تعالى صرح بأن كل ما صنعه سحرة فرعون مجرد تخيل وإيهام جرى على المرئي لا على المحسوس فقال تعالى: قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى - طه آية ٦٦ - وبدليل أن الله شهد على موسى بالرعب والذهول حين سحرت الفراعنة عينية حين خيلوا إليه من سحرهم أن الحبال حيات تسعى فقال تعالى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى - طه آية ٦٧ - . والوجه الصحيح لتأويل صيرورة المسحور له ذنب: أن يحمل ذلك على التخييل القوي الذي ملك قلب المسحور والذي قوى تخييله ضعف إيمانه، الأمر الذي حدا به إلى الاعتقاد بأنه غدا له ذنب كذنب الحمار. ومن ابتلى بالسحر فيلزمه أمور منها: قراءة آيات السحر المأثور قراءتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، أخرجها ابن السني في عمل اليوم ص ٢٣٦ حديث برقم (٢٣٧) ر، التوبة الخالصة لله تعالى من الكبائر، الصبر على بلاء السحر بدليل أن صحابية كانت تصرع وتنكشف فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله تعالى لي بالشفاء، فقال لها: اصبري ولك الجنة، قالت فادع الله ألا أنكشف، فدعي، فكانت بعد النبي صلى الله عليه وسلم تصرع ولا تنكشف. أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٤٧ عن ابن عباس.