قلت: وفي التنزيل شاهد على القطع ببطلان الحديث يدل عليه دلالة مفهوم قوله تعالى: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ سورة يس آية ١٣، وقد أجمع المفسرون على أنهم كانوا في الحقيقة رسل عيسى، واعتبرهم الله في حكم رسله تعالى. والعقل والشرع يحيلان أن يكون من بين رسل رب العالمين حمارا. وأيضا في السنة ما يقطع بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب المثل الأعلى في إجلاله أصحابه، فقد كان يكنيهم ويعظم أكابرهم، فقد دخل سعد بن معاذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأوس: قوموا لسيدكم، وصح عن جرير بن عبد الله البجلي أنه قال: ما رآني رسول الله إلا تبسم ولقد دخلت عليه وهو في المجلس بين أصحابه فألقى إليّ عباءته وقال: اجلس على هذه، فأخذتها ووضعتها على عيني وقبلتها وقلت بارك الله فيك يا رسول الله، ورددتها عليه وجلست على الأرض. أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٣٦٠، والطبراني في الكبير ٢/ ٣٤٠، وكان صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: انزلوا الناس منازلهم، وأيضا في قوله تعالى وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ سورة القلم آية ٤ ما يقطع بأن من أخص معالم عظمة خلق النبي صلى الله عليه وسلم تعظيمه لأصحابه وإجلاله لهم. (٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات ١/ ٤٨٧، والطبري في تاريخه ٣/ ١٧٧، وحماد بن إسحاق في تركة النبي صلى الله عليه وسلم ١٠٣، ومحب الطبري في خلاصة سير ص ١٦٥. (٣) كذا ورد عند ابن سعد في الطبقات ١/ ٤٨٧، والطبري في تاريخه ٣/ ١٧٧، وابن الجوزي في الوفا ٢/ ٣٧٦، ومحب الطبري في خلاصة سير ص ١٦٥. (٤) هو: جعفر بن علي الصقلي، أبو محمد المعروف بابن القطاع، أحد أئمة اللغة (ت ٥١٥ هـ). انظر: القفطي: انباه الرواة ١/ ٢٦٥ - ٢٦٦، ابن العماد: شذرات الذهب ٤/ ٥. (٥) السعد: بفتح السين وسكون العين، موضع على ثلاثة أميال من المدينة. انظر: ياقوت: معجم البلدان ٣/ ٢٢١، السمهودي: وفاء الوفا ص ١٢٣٣.