للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأولى أن كراهته له لاضافته إلى القبر، ولو أنه قال: زرنا النبي صلى الله عليه وسلم لم يكره، لقوله عليه الصلاة والسلام: «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد بعدي» (١).

ويستحب للزائر إذا قضى زيارته أن يقصد الآثار والمساجد التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى فعل هذا واستحبابه أجمع المسلمون (٢).

قال القاضي عياض (٣): «من إعظام النبي صلى الله عليه وسلم وإكباره اعظام جميع أسبابه وإكرام مشاهده وأمكنته من مكة والمدينة ومعاهده وما لمسه عليه الصلاة والسلام، أو عرف به وذكر الآثار في ذلك». ثم قال (٤): «وحدثت أن أبا الفضل الجوهري لما ورد المدينة وقرب من بيوتها، ترجّل ومشى باكيا منشدا:

ولما رأينا رسم من لم يدع لنا … فؤادا لعرفان الرسوم ولا لبا

نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة … لمن بان عنه أن نلم به ركبا»


(١) كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢/ ٦٨ - ٦٩ وأضاف: «فحمى إضافة هذا اللفظ‍ إلى القبر والتشبه بفعل أولئك قطعا للذريعة وحسما للباب».
(٢) انظر: المراغي: تحقيق النصرة ص ١١٣ وحكايته الإجماع على استحباب زيارة الآثار غير صحيح، بل إن الصواب أن ذلك غير مشروع فضلا عن الاستحباب.
(٣) قول القاضي عياض ورد عنده في الشفا ٢/ ٤٤.
(٤) القول هنا للقاضي عياض في الشفا ٢/ ٤٥ وأورد الشعر، وانظر: ابن الضياء: تاريخ مكة ص ٢٥٥ - ٢٥٦ قلت: إعظام النبي صلى الله عليه وسلم وإكرامه بالتزام شرعه وإخلاص العبادة لله تعالى وسد منافذ الشرك والبدع وتتبع هذه الآثار سبب مفض إلى الشرك ووسيلة من وسائله كما ذكر الله ذلك في قصة انحراف قوم نوح عليه السلام وعبادتهم ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا، فإنهم أسماء رجال صالحين، فلما ماتوا جعلوا لهم صورا للذكرى، ثم أفضى الأمر إلى عبادتهم من دون الله كما قال ابن عباس رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>