في قلوب المريدين، بالألفاظ المستحسنة في الآذان، المقبولة عند الأذهان، رغبة في سرعة استجابتهم، ونفي الشواغل عن قلوبهم بالموعظة الحسنة، على الكتاب والسنة، كنت قد أوتيت فصل الخطاب واستوجبت على الله جزيل الثواب. قلت لعبد الكريم من هذا الذي صبر له عمرو هذا الصبر؟
قال: قد سألت عن ذلك أبا حفص فقال: ومن كان يجترىء عليه هذه الجرأة إلا حفص بن سالم.
قال عمر الشمري: كان عمرو بن عبيد لا يكاد يتكلم، فإذا تكلم لم يكد يطيل. وكان يقول: لا خير في المتكلم إذا كان كلامه لمن شهده دون نفسه. وإذا طال الكلام عرضت للمتكلم أسباب التكلف، ولا خير في شيء يأتيك به التكلف.
وقال بعضهم- وهو من أحسن ما اجتبيناه ودوّناه- لا يكون الكلام يستحق اسم البلاغة حتى يسابق معناه لفظه، ولفظه معناه، فلا يكون لفظه إلى سمعك أسبق من معناه إلى قلبك.
وكان مويس بن عمران «١» يقول: لم أر أنطق من أيوب بن جعفر، ويحيى بن خالد.
وكان ثمامة يقول: لم أر أنطق من جعفر بن يحيى بن خالد.
وكان سهل بن هارون يقول: لم أر أنطق من المأمون أمير المؤمنين.
وقال ثمامة: سمعت جعفر بن يحيى يقول لكتّابه: «إن استطعتم أن يكون كلامكم كله مثل التوقيع فافعلوا» .
وسمعت أبا العتاهية يقول:«لو شئت أن يكون حديثي كله شعرا موزونا لكان» .