ما ينبغي أن يكون في الأرض رجل واحد أجهل منك! وكان ابن فهريز في نفسه أكثر الناس علما وأدبا، وكان حريصا على الجثلقة. فقال للفتى: وكيف حللت عندك هذا المحل؟ قال: لأنك تعلم أنا لا نتخذ الجاثليق «١» إلا مديد القامة، وأنت قصير القامة، ولا نتخذه إلا جهير الصوت جيد الحلق، وأنت دقيق الصوت رديء الحلق، ولا نتخذه إلا وهو وافر اللحية عظيمها وأنت خفيف اللحية صغيرها، وأنت تعلم أنا لا نختار للجثلقة إلا رجلا زاهدا في الرياسة، وأنت أشد الناس عليها كلبا، وأظهرهم لها طلبا. فكيف لا تكون أجهل الناس وخصالك هذه كلها تمنع من الجثلقة، وأنت قد شغلت في طلبها بالك، وأسهرت فيها ليلك. وقال أبو الحجناء في شدة الصوت:
إني إذا ما زبّب الأشداق ... والتجّ حولي النقع واللقلاق «٢»
ثبت الجنان مرجم ودّاق المرجم: الحاذق بالمراجمة بالحجارة. والودّاق الذي يسيل الحجارة كالودق من المطر.