وغويص من الأمور بهيم ... غامض الشخص مظلم مستور
قد تسهّلت ما توعّر منه ... بلسان يزينه التحبير
مثل وشي البرود هلهله النسج ... وعند الحجاج در نثير
حسن الصمت والمقاطع أما ... نطق القوم والحديث يدور
ثم من بعد لحظة تورث اليسر ... وعرض مهذّب موفور
ومما يضم إلى هذا المعنى وليس منه، قول جميل بن معمر:
نمت في الروابي من معدّ وأفلجت ... على الخفرات الغرّ وهي وليد
أناة على نيرين أضحى لداتها ... بلين بلاء الرّيط وهي جديد
نمت: شبت. الروابي من معد: البيوت الشريفة. وأصل الرابية والرباوة: ما ارتفع من الأرض. أفلجت: أظهرت. والخفرات: الحييات.
الأناة: المرأة التي فيها فتور عند القيام. وقوله على نيرين، وصفها بالقوة، كالثوب الذي ينسج على نيرين، وهو الثوب الذي له سديان، كالديباج وما أشبهه. أضحى لداتها، اللدة: القرينة في المولد والمنشأ فيقول: إن أقرانها قد بلين، وهي جديد لحسن غذائها ودوام نعمتها.
ومن هذا الشكل وليس منه بعينه قول الشاعر:
على كلّ ذي نيرين زيد محاله ... محالا وفي أضلاعه زيد أضلعا
المحال: محال الظهر، وهي فقاره، واحدها محالة.
وقال أبو يعقوب الخريميّ الأعور: أول شعر قلته هذان البيتان:
بقلبي سقام لست أحسن وصفه ... على أنه ما كان فهو شديد
تمر به الأيام تسحب ذيلها ... فتبلى به الأيام وهو جديد
وقال الآخر:
أبى القلب إلا أمّ عمرو وحبها ... عجوزا ومن يحبب عجوزا يفنّد
كبرد اليماني قد تقادم عهده ... ورقعته ما شئت في العين واليد