وكان ميمون بن سياه «١» ، إذا جلس إلى قوم قال: إنّا قوم منقطع بنا.
فحدثونا أحاديث نتجمل بها.
قال: وفخر سليم مولى زياد، بزياد عند معاوية، فقال معاوية:
أسكت، فو الله ما أدرك صاحبك شيئا بسيفه إلا وقد أدركت أكثر منه بلساني.
وضرب الحجاج أعناق أسرى، فلما قدموا إليه رجلا لتضرب عنقه قال:
والله لئن كنا أسأنا في الذنب فما أحسنت في العفو! فقال الحجاج: أف لهذه الجيف، أما كان فيها أحد يحسن مثل هذا الكلام! وأمسك عن القتل.
وقال بشير الرّجّال:«إني لأجد في قلبي حرا لا يذهبه إلا برد العدل أو حر السنان» .
قال: وقدموا رجلا من الخوارج إلى عبد الملك بن مروان لتضرب عنقه، ودخل على عبد الملك ابن له صغير قد ضربه المعلم، وهو يبكي، فهمّ عبد الملك بالمعلم، فقال له الخارجي: دعوه يبكي فإنه أفتح لجرمه، وأصح لبصره، وأذهب لصوته. قال له عبد الملك: أما يشغلك ما أنت فيه عن هذا؟
قال الخارجي: ما ينبغي لمسلم أن يشغله عن قول الحق شيء! فأمر بتخلية سبيله.
قال: وقال زياد على المنبر: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يقطع بها ذنب عنز مصور «٢» ، لو بلغت أمامه سفك بها دمه» .
وقال: وقال إبراهيم بن أدهم «٣» : «أعربنا كلامنا فما نحن نلحن، ولحنّا في أعمالنا فما نعرب حرفا» . وأنشد:
نرقّع دنيانا بتمزيق ديننا ... فلا ديننا يبقى ولا ما نرقع