وقال عامر بن عبد الله الفزاريّ جمع بين هند وجمعة، فقيل لجمعة: أي الرجال أحب إليك؟ فقالت:«الشنق الكتد «١» ، الظاهر الجلد، الشديد الجذب بالمسد» . وقيل لهند: أي الرجال أحب إليك؟ قالت:«القريب الأمد، الواسع البلد، الذي يوفد إليه ولا يفد» .
وقد سئلت هند عن حر الصيف وبرد الشتاء، فقالت:«من جعل بؤسا كأذى» وقد ضرب بها المثل. فمن ذلك قول ليلى بنت النّضر الشاعرة:
وكنز بن جدعان دلالة أمّه ... وكانت كبنت الخسّ أو هي أكبر
وقال ابن الأعرابي: يقال بنت الخس، وبنت الخص، وبنت الخسف وهي الزرقاء. وقال يونس: لا يقال إلا بنت الأخسّ.
وقال أبو عمرو بن العلاء: داهيتا نساء العرب هند الزرقاء، وعنز الزرقاء، وهي زرقاء اليمامة.
وقال اليقطريّ: قيل لعبد الله بن الحسن: ما تقول في المراء؟ قال: ما عسى أن أقول في شيء يفسد الصداقة القديمة، ويحلّ العقدة الوثيقة، فإن أقل ما فيه أن يكون دربة للمغالبة، والمغالبة من أمتن أسباب الفتنة إن رسول الله صلّى الله عليه وآله لما أتاه السائب بن صيفي فقال: أتعرفني يا رسول الله؟ قال:«كيف لا أعرف شريكي الذي كان لا يشاريني ولا يماريني» . قال: فتحولت إلى زيد بن علي فقلت له: الصمت خير أم الكلام؟ قال: أخزى الله المساكتة، فما أفسدها للبيان، وأجلبها للحصر. والله للمماراة أسرع في هدم العيّ من النار في يبيس العرفج، ومن السيل في الحدور.
وقد عرف زيد أن المماراة مذمومة، ولكنه قال: المماراة على ما فيها أقل ضررا من المساكتة التي تورث البلدة، وتحل العقدة، وتفسد المنّة، وتورث عللا، وتولّد أدواء أيسرها العيّ. فإلى هذا المعنى ذهب زيد.